Updated by 
من دراسة الاقتصاد، ندرك التحدي المتمثل في الندرة في السعي حول تخصيص الموارد المحدودة بكفاءة بطريقة تعالج الرغبة البشرية أو ترضيها.
الندرة تتجاوز حدود الاقتصاد، وتصبح مشكلة عالمية متجذرة في الموارد المحدودة لكوكبنا. لا تمتلك أرضنا سوى مجموعة محدودة فقط من الموارد التي ستنفذ مع مرور الوقت، ومع ذلك، فإن الشهية البشرية للرغبات الباهظة تبدو متطابقة فقط مع مخيلتنا.
من الواضح أن الاستمرار في استغلال الموارد الثمينة بشكل مستمر أمر غير مستدام. إحدى الحلول الممكنة تكمن في الانتقال نحو نموذج اقتصادي مختلف – نموذج مصمم للحد من النفايات، والحفاظ على الموارد، وربما فتح فرص استثمارية جديدة للمستثمرين الذين يهتمون بالبيئة.
في هذه المقالة، سنناقش الاقتصاد الدائري الناشئ، وسبب أهميته والإمكانية الجديدة والتحويلية التي يحملها معه.
ما هو الاقتصاد الدائري؟
الاقتصاد الدائري هو مفهوم يمثل تحولًا أساسياُ في الطريقة التي ننتج بها ونستهلك وندير الموارد.
إنه بديل للاقتصاد الخطي التقليدي، حيث يتم استخراج الموارد ثم تحويلها إلى منتجات، واستخدامها، ثم التخلص منها كنفايات؛ ويُصف أحيانًا بنموذج “الأخذ – الصنع – التخلص”.
هدف الاقتصاد الدائري هو إنشاء نظام دائري مغلق حيث يتم إعادة استخدام الموارد بشكل مستمرأو إعادة تدويرها أو إعادة تجديدها، بهدف تقليل أو منع استخدام الموارد الطبيعية الجديدة.
المبادئ الرئيسية للاقتصاد الدائري
يستند الاقتصاد الدائري إلى ستة مبادئ رئيسية، على النحو التالي:
- التقليل، إعادة الاستخدام، وإعادة التدوير: يركز الاقتصاد الدائري على تقليل استهلاك الموارد، وإعادة استخدام المنتجات والمواد، وإعادة تدوير المنتجات المنتهية الصلاحية لتقليل توليد النفايات. وهذا يقلل من التأثير البيئي لعمليات الإنتاج والاستهلاك.
- التصميم من أجل الاستدامة: يتم تصميم المنتجات والخدمات مع الأخذ بعين الاعتبار طول العمر وقابلية الإصلاح وإعادة التدوير. وهذا النهج يعزز المتانة وسهولة الصيانة، مما يطيل عمر المنتجات.
- كفاءة الموارد: يعد الاستخدام الفعال للموارد بكفاءة أحد المبادئ الأساسي في الاقتصاد الدائري، يتضمن تحسين استخدام الموارد والطاقة أثناء الإنتاج، مما يقلل من النفايات والانبعاثات.
- المشاركة والاستهلاك التعاوني: تنفيذ منصات المشاركة ونماذج الاستهلاك التعاوني، مثل مشاركة السيارات وتأجير النظراء. وهذا يشجع على الاستخدام الفعال للموارد ويقلل من الحاجة إلى إنتاج وحدات لكل مستهلك على حدى.
- ممارسات التجديد: بالإضافة إلى إعادة التدوير، يشجع الاقتصاد الدائري الممارسات التي تعمل عىل استعادة أو تجدد النظم البيئية، مثل إعادة التشجير والزراعة المستدامة.
- التكنولوجيا الرقمية: دمج التكنولوجيا الرقمية، مثل إنترنت الأشياء (IoT) وتحليل البيانات الضخمة، يساعد في تتبع وتحسين استخدام الموارد، مما يتيح عمليات أكثر كفاءة.
لماذا الاقتصاد الدائري مهم؟
يتمتع الاقتصاد الدائري بإمكانية أن يكون مفيداً للغاية في الانتقال نحو أسلوب حياة أكثر استدامة.
عندما يُنفذ بشكل صحيح، يمكن للاقتصاد الدائري تقليل التأثير البيئي والتخفيف من تغير المناخ عن طريق تقليل استخراج الموارد وتوليد النفايات. وهذا يعني مساحة أقل من الأراضي التي فسدت بسبب التعدين أو تم تخصيصها كمدافن للنفايات.
يمكن للاقتصادات أيضًا تقليل الاعتماد المفرط على الموارد المحدودة والتحوط من مخاطر سلسلة التوريد، مما يضمن مزيدًا من الأمان من ناحية الموارد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للاقتصاد الدائري تعزيز الفرص للسكان من خلال خلق فرص عمل لتلبية مجموعة متنوعة من الأدوار، مثل البحث والابتكار، والتعليم، والتنفيذ، وما إلى ذلك.
مع ترسيخ الاقتصاد الدائري، سيكون للمستهلكين دور متزايد في اتخاذ خيارات مستدامة في حياتهم اليومية. يمكن أن يزيد ذلك من الطلب على ممارسات الاقتصاد الدائري، مما يخلق ردود فعل إيجابية ويمهد الطريق لاتخاذ إجراءات هادفة ودائمة تجاه تغير المناخ.
بالإضافة إلى الوعد بتحسين الاستدامة، وتقليل النفايات ومكافحة تغير المناخ، يأتي الاقتصاد الدائري أيضًا مصحوباُ بفرص استثمارية مجزية.
فرص الاستثمار في الاقتصاد الدائري
الاقتصاد الدائري ليس شيئًا جديدًا تمامًا و غير معروف. تتبنى العديد الصناعات بالفعل بعض من المبادئ الرئيسية للاقتصاد الدائري في مسعاها لتحقيق ممارسات أعمال أكثر استدامة. في كثير من الحالات، قد يستغرق الأمر مزيدًا من التنفيذ لتحقيق عملية دائرية كاملة.
وبناءً على ذلك، يمكن للاقتصاد الدائري أن يقدم عدد لا يحصى من فرص الاستثمار المحتملة، نظرًا انتشاره الشامل وقدرته على الاندماج في العديد من القطاعات القائمة. إليك بعض المجالات المحتملة حيث قد يجد المستثمرون فرصًا مناسبة.
- الطاقة المتجددة: تعتبر الطاقة المتجددة و الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية ركائز رئيسية في الاقتصاد الدائري، مما يمكن الصناعات والمصنعين من ازالة الكربون في عملياتهم وتقليل التأثير البيئي. من المتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة المتجددة مع تحول العالم نحو الاقتصاد الدائري، مما يخلق فرصًا مربحة محتملة للمستثمرين.
- إدارة النفايات وإعادة التدوير : صناعة أخرى تعد مجدية لمستثمري الاقتصاد الدائري هي قطاع إدارة النفايات وإعادة التدوير. إن جمع وفرز ومعالجة المواد لإعادة الاستخدام هو جوهر الاقتصاد الدائري، ولكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لزيادة الكفاءة و مقدار و توسيع نطاق استرداد الموارد. من الممكن ان تترجم هذه الحاجة للابتكار واكتشافات جديدة إلى عوائد للمستثمرين المبكرين.
- إدارة الموارد المائية: كما هو الحال مع إدارة النفايات وإعادة التدوير، يزداد أهمية قطاع إدارة موارد المياه. الشركات التي تركز على تقنيات إعادة تدوير المياه ومعالجتها والحفاظ عليها قد تكون جذابة للمستثمرين.
- خدمات المشاركة و التعاون : المنصات التي تيسر الجهود المشتركة مثل مشاركة مساحات العمل ومشاركة السيارات وتأجير النظراء قد تكون أيضًا خيارات جيدة لأولئك الذين يستثمرون في الاقتصاد الدائري. هذه الخدمات على زيادة استخدام الموارد وكفاءتها إلى الحد الاقصى، مما يتيح المزيد من الإنجاز بموارد أقل.
- حلول سلاسل التوريد الدائرية : قد يتطلب الاقتصاد الدائري حلولًا متخصصة لسلاسل التوريد. الشركات التي تركز على إنشاء وابتكار وتوفير هذه الحلول – بما في ذلك اللوجستيات وتحليل البيانات ومنصات البرمجيات – قد تكون لديها إمكانات نمو واستثمار جيدة.
- التكنولوجيا والمنتجات والخدمات الخضراء : لا يجب أن يقتصر المستثمرون على القطاعات أو الشركات التي تعمل بشكل واضح في مجال الاقتصاد الدائري. يمكنهم أيضًا البحث عن فرص بين الصناعات و مقدمي الخدمات الذين يدعمون مفاهيم الأساس للاقتصاد الدائري. وهذا يعني أن المؤسسات والمنتجين لمنتجات وخدمات التكنولوجيا الخضراء أو الصديقة للبيئة مثل المواد البلاستيكية الصديقة للبيئة والسلع والمواد المستدامة وتصاميم وعمليات فعّالة من ناحية الموارد يمكن أن تكون أيضًا خيارات استثمار قوية.
- الموضة الدائرية: تتزايد شهرة الموضة السريعة المستدامة التي تعطي الأولوية للحد من النفايات واستخدام المواد المعاد تدويرها وتعزيز الممارسات المستدامة والأخلاقية. مما يخلق مجالًا آخر للمستثمرين لجني العوائد المحتملة من الاقتصاد الدائري.
- العقارات الصديقة للبيئة: الاستثمارات في ممارسات البناء المستدامة ومواد البناء الصديقة للبيئة والبنية التحتية الموفرة للطاقة يمكن أن تتوافق مع أهداف الاقتصاد الدائري وتقدم عوائد طويلة الأجل.
حجة الاقتصاد الدائري
الاقتصاد الدائري كمفهوم مثير للاهتمام، والعديد من أفكاره تمتلك القدرة على إحداث تحول حقيقي في كيفية تقدم البشرية كنوع.
بصفتك مستهلكًا، فإنه من المنطقي أن تساعد في تعزيز اعتماد ممارسات الاقتصاد الدائري على نطاق واسع، حيث ستظهر فوائد ذلك بوضوح – تقليل الضرر البيئي ومكافحة تغير المناخ – وهذا سيظهر بوضوح بالنسبة لك.
الاستثمار في الشركات الواعدة التي تعزز الاقتصاد الدائري، سواء مباشرة أو بطرق أخرى، هو وسيلة رائعة لدعم الاستدامة والقيام بجزء من مسؤوليتك تجاه البيئة. بالإضافة إلى ذلك، إذا استثمرت بعناية وحكمة، ستتمكن من جني الفوائد بالوقت المناسب – سواء من الناحية البيئية أو المالية.
